16/12/2011

قراءة في ديوان باب الطالب




لعل أول ما يستحق الإنتباه، عند الإقبال على قراءة هذا النص الزجلي، هو أن لدى صاحبه رؤية صوفية تأبى أن تقف عند ماهو عياني مباشر، بل تريد أن تصل إلى تخوم الحقائق الماورائية. حيث تنتفي أحوال الجسد، وتبدأ الحقائق اللدنية. و الرؤية الصوفية هنا لاتعدو كونها سعيا إلى تزكية النفس من الأوضار العالقة بها عادة، كالحسد و التكبر وحب الدنيا وحب الجاه، وذلك ابتغاء توجيهها إلى حب الله عز وجل و الرضا عنه و التوكل عليه و الإخلاص له.

ومما تجدر ملاحظته في البداية أن الأستاذ جمال الدين حريفي عنون مجموعته الزجلية هاته بباب الطالب فما هي حقيقة الطالب؟ وأي اتجاه نتجه إليه عندما ندخل من باب الطالب؟ إن الأمر الجدير بالإهتمام و المعالجة هو أن العنوان "باب الطالب" قابل للإشعاع و الإيحاء بدلالات غنية ككرة من الزجاج الملون تقدم مزيجا من الألوان و الظلال كلما سلطت عليها الضوء.

الطالب هنا ينشد الموافقة من ربه، وكمال المغفرة منه، و الإمتثال لأوامره، و التقرب إلى جلاله، وملء القلب بمحبته، و الحصول على التوبة من معاصيه. و لا يفلح الطالب هنا في الحصول على مطلوبه من دون ترك الإشتغال بحب المخلوق وذكره، و الإنجداب إلى ما يضره.

ولهذا افتتح جمال الدين مجموعته بالكلمات التالية : " من ذكر الناس لذكر الله، ومن الأنس بالنفس للأنس بالله.من لباس الشهوة للباس التقوى ومن المعصية للتوبة، الناس حجاب و النفس حجاب و الطريق سباب و المقصود الله"

فباب الطالب هنا هو في نفس الوقت مدخل ومخرج إذ يمكننا من جهة من التطهر ومن جهة أخرى من السمو نحو الصفاء الروحي. وعنوان هاته المجموعة الزجلية تم انتقاؤه بإحكام. فقد وضع الشاعر اليد على الكلمة التي تتسع لكل أبعاد التجربة الصوفية. لكن ألا يمكن القول بأن ما يشعر به ويعانيه ويختلج في نفسه هو أعمق بكثير وأبعد حدودا من أعماق اللفظة وحدودها. وأيا ما كان الأمر، فإن جمال الدين توفق في اختيار العنوان. فهناك تكامل بين باب الطالب و طالب الباب، فكلا التعبيرين يحملان شحنة صوفية إيجابية. و التصوف كفكر وكمنهج يدعو إلى رقي النفس وصفاء القلب و تأهيلهما إلى أسمى مكان وبذلك تستقيم جوارح الشخص و سلوكياته. ومن المعروف أن علم التصوف ليس علما هامشيا كما يرى البعض، وأقطاب الصوفية يرون أن التصوف ما هو إلا حب وصفاء و أخلاق. فباب الطالب دائم الإنفتاح، يتيح لكل طالب الفرصة لتربية ذاته ودعم قوته الروحية و التربوية و الإيمانية. ومنه يتم الإنطلاق نحو البحث عن صفاء القلب ونقائه وشفافيته. وقد كان الرسول صلى الله عيه وسلم جالسا مع جماعة من المسلمين فدخل عليهم رجل فقال : "من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا الرجل القادم" فتبعه أحد الصحابة وطلب منه أن يستضيفه يوما كاملا كي يعرف ماذا يفعل ليكون أحد أهل الجنة ويبشره الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك وهو مازال حيا بين المسلمين وبعد أن قضى يوما كاملا معه وجد أنه يقوم بأداء الفرائض الإسلامية العادية وعندما سأله ماذا تفعل بعد ذلك قال : "أنه ينام وليس في قلبه ضغينة أو حقد أو كراهية لأحد" إذن فصفاء القلب ونقاؤه من أهم ما يميز الصوفي. وعلى ضوء كل هذه الإعتبارات يمكن القول أنه ما من باب إلا يؤدي ولوجه إلى معرفة شيء أو أشياء معينة كما أن الطلب هو محاولة وجدان الشيء وأخذه. ولا يخالجنا ريب في أن هذا الشيء الذي نحاول إيجاده وأخذه، ما هو إلا التوبة.

ولسنا نريد أن نسترسل في توضيح هذه العتبة المؤدية إلى الغوص في البؤرة المركزية للنص الزجلي. ولكن حسبنا أن نتوقف عند النقطة المحورية التي تدور حولها هذه القصيدة.

ما تجدر ملاحظته هو أن، التيمة الأساسية في هذا العمل الإبداعي، هي الحوار بين الذات و النفس، يتمظهر عبر سيرورته في عدة تجليات. غير أنه حوار غير متكافئ، فهو ليس بين ند وند، بل بين ذات أغنتها التجربة الحياتية برصيد معرفي هائل إذ أتاح لها القدرة على الحكم و التوجيه و القيادة الهادفة، و السياسة لمختلف الأمور وفق الرؤية الشرعية وبين نفس أعمتها الحياة الدنيوية، فلم تعد تستطيع رؤية وإدراك ما يقع خلف التضاريس المادية من قيم و أهداف. ونتيجة انغماسها في يم الملذات، أصبحت تنظر لنفسها وكأنها جزء لا يتجزأ من الحياة البهيمية. وهذا التصور يكشف أن النفس مقيدة باستيلاء الغفلة و الشهوة و اللهو وغلبتها عليها، ولتقويمها وإصلاح حالها من المعاصي و الآثار القبيحة المذمومة، تجري الذات حوارا هادفا معها وذلك لإرشادها. فالشاعر يقول بصدد هذا : " ارحمي نفسك يا نفسي، ماقدرت نشوف رحمك يتمزق .....إلخ"

إن الناظر في هذه القصيدة الزجلية ليدرك في وضوح أن الذات و النفس المتحاورتين لا تنفكان عن بعضهما البعض، فهما بمثابة الصفحة الواحدة، فإذا أردت القضاء على الوجه الواحد فإنك تقضي في نفس الوقت على الوجه الثاني، فالعبد إذا أعرض عن الله واشتغل بالمعاصي أهلك نفسه، وإذا زكى نفسه نجا.

ويسوقنا هذا إلى أن نذكر أن الحديث مع النفس ليس أمرا جديدا، بل هو موضوع قديم، حفلت به مختلف كتب التراث العربي وقد يتعذر علينا ذكر مختلف الأعلام الذين أولو عناية فائقة لموضوع النفس لكثرة عددهم، وقد يكون من المفيد أن نشير إلى بعض النماذج، فهذا ابن سينا (370 هـ - 428 هـ) الشيخ الرئيس يتحدث عن النفس فيقول : "إن أول ما ينبغي أن يبدأ به الإنسان من أصناف السياسة، سياسة نفسه، إذ كانت نفسه أقرب الأشياء إليه، و أكرمها عليه وأولاها بعنايته. ولأنه متى أحسن سياسة نفسه لم يعي بما فوقها من سياسة المصر، ومن أوائل ما يلزم من رام سياسة نفسه، أن يعلم أن له عقلا هو السائس، ونفسا أمارة بالسوء، كثيرة المعاييب، جمة المساوئ في طبعها وأصل خلقها هي المسوسة. وأن يعلم أن كل من رام إصلاح فاسد، لزمه أن يعرف جميع فساد ذلك الفاسد معرفة مستقصاة، حتى لا يغادر منه شيئا، ثم يأخذ في إصلاحه، وإلا كان ما يصلحه غير حريز و لا وثيق كذلك من رام سياسة نفسه ورياضتها وإصلاح فاسدها، لم يجزله أن يبتدئ في ذلك، حتى يعرف جميع مساوئ نفسه معرفة محيطه، فإنه إن أغفل بعض تلك المساوئ وهو يرى أنه قد عمها بالإصلاح، كان كمن يدمل ظاهر الكلم، و باطنه مشتمل على الداء، وكما أن الداء إذا قوى على الإهمال وطول الترك، نقض الإندمال وقذف الجلد حتى يبدو لعين الناظر".

وابن سينا في هذا النص يرى أن تدبير المرء لنفسه من الأمور الأولية، فلكي يحقق الإنسان وجوده وإنسانيته، لابد أن يبدأ بتربية نفسه.

وهذا هو بعينه ما يقوله أبو حيان التوحيدي، لكن بطريقته الخاصة :

" من استأذن على الله أذن له، من قرع باب الله دخل
كيف تنتفع بالنصيحة، وأنت مقيم على الفضيحة؟
من تبع هواه فقد عبد غير الله
أكرم نفسك ما أعانتك على طاعة الله، أهن نفسك ما عاقتك عن خدمة الله.
الويل لمن ضاقت رحمة الله مع سعتها عنه...
من انقطع إلى غير الله وكله الله إليه
من صلح مع الله لم يفسد مع غيره
من حارب الله حرب، ومن سالم الله سلم

و الذي يظهر لنا أن أبا حيان التوحيدي في هذا النص لم يكن يخاطب أحدا غير نفسه. فخطابه منه يصدر و إليه يعود، فإذا حاك العبارة، وصاغ الإشارة، فنفسه أولى بها، لأن في المناجاة يجد راحة نفسه. فكل خطابه لنفسه يحفل بالتذلل لله و الضراعة إليه والتماس رحمته ونعمته وعونه وهدايته و توفيقه.

بهذا المعنى كذلك ينبغي أن يفهم من كلام التوحيدي أنه يخاطب نفسه بخطاب علوي، ويتجنب مخاطبتها بخطاب سفلي. وهذا ما يراه أبو يعقوب السجستاني في كتابه الينابيع" فالخطاب عنده ينقسم إلى قسمين، خطاب علوي وخطاب سفلي. وقد أفرد في "الينابيع الينبوع الحادي عشر في كيفية مخاطبة العقل للنفس "إن العقل يخاطب النفس خطابين : خطابا علويا، وخطابا سفليا، فالخطاب السفلي من الجسميات".

أما الخطاب العلوي فيراد به إصلاح النفس وإبعادها عن كل غفلة، هذه النفس التي بإمكانها أن تكون هي العدو اللدود . وفي هذا الصدد يقول أبو حيان التوحيدي : "لعلك تشكو قلبك، وتجد التواءه عليك، وتراه مخالفا لك، فلا عجب ولكن داره، فإن قلبك أنت، وأنت قلبك" وقد رأيت غيرك يضج من قلبه، ويشكو ما يناله من كربة، حتى قال في وصفه متضجرا بفعله:

قلبي إلى ما ضرني داع يكثر أحزاني و أوجاعي
كيف احتراسي من عدوي إذا كان عدوي بين أضلاعي "

وأنت أيها القارئ إذا أمعنت في هذا القول ألفيته يصدر من منبع واحد ومن هذا المنبع الثري، نجد جمال الدين يغرف هو الآخر بإناء مغاير زجاجه أو بلوراته : نظم زجلي على شكل حكم أو أمثال مأثورة فرغم عامية الألفاظ ففيها حلاوة و طلاوة وهذا بلا شك يدل على أن صاحبه له حظ وافر وله يد طويلة في الإبداع.

و الشيء الذي أستبعده هو قول القائل أن مثل هذا الكلام لا يصدر إلا من أعماق اللاوعي الإنساني، وأن الشاعر اصطدم بواقعه المغاير، فإرتد تفكيره إلى داخله شعلة ملتهبة حولت المفكر فيه إلى حروف، وجمل، وتعابير صوفيه لكن الذي نشير إليه في هذا المقام هو أن المرء عندما يجاوز الأربعين من عمره، لابد أن تتكون في أعماق نفسه رغبة في العودة إلى الله، وإرغام النفس على الإخلاص له، فيستمرعن ساعد العمل بما يرضى الله وتأتي رغبته هذه شحنة صوفية تزداد قوتها عندما تتحول إلى كلام زجلي.

قال الشافعي رضي الله عنه : "صحبت الصوفية فلم استفد منهم سوى حرفين: أحدهما قولهم : الوقت سيف، فإن قطعته وإلا قطعك. وذكر الكلمة الأخرى : ونفسك إن لم تشغلها بالحق و إلا شغلتك بالباطل .

فوقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر أسرع من السحاب فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبا من حياته وإن عاش فيه ..."(4)

ولعل هذا ما عبر عنه جمال الدين في حديثه إلى نفسه، وهو يحثها أن تصلح من شأنها، وتنأى عن كل طيش وتقلب وتغتنم العمر المحدود في العمل بما يرضى الله

"ارحمي نفسك يانفسي

ماقدرت نشوف رحمك يتمزق
ارحمي نفسك يانفسي
ما قدرت نشوف دمك يتهرق
ما قدرت نخرج منك
ونفرح بعرسي
ماقدرت نبقى فيك يانفسي
شفتك مني مخلوقة
وبكاتني الحسرة
على نفس وحدة
وهي على جوج مفروقة"

فالزجال هنا يستعطف هذه النفس، كأنه يرغمها على ولادة جديدة.

تحول النقمة إلى رحمة و التشظي إلى وحدة و الوحشة إلى أنس، و الغيبة إلى حضور و الكدر إلى صفو، و الضيق إلى سعة، و التعمية إلى تبصير، و الظلمة إلى إنارة و الغفلة إلى ثوبة، والتهتك إلى ستر و الفساد إلى صلاح، و الظن إلى يقين، و اللهو إلى خشوع، و الخذول إلى نصر، و الزيغ إلى تقويم، والرقاد إلى يقظة ...إلخ

وحتى لا يظل القول حديثا عاما يفتقد إلى المستند، نورد .....النص التالي :

يقول جمال الدين : "

أشربي يانفسي ويزيد عطشك
توصلي للمحبوب بجناح نفسك
مالبستك خرقة و لا صوفة
ماسحت بيك فجبال وبراري
سبحان الله فلطافو
سبحان الخالق الباري
ناديتو فجوف الليل
عبادك ياربي ما يخافو
أدرك عبدك الدليل
برحمتك و الطافك
أو خطرت فالبال إشارة
من محكم كتابو
"واتقوا الله ويعلمكم الله"
اللي حبو الله يحبو
يعلمو وينور قلبو
واللي حب الله يذكرو
ويحمدو ويشكرو
بقلبو ولسانو
يكون الله سمعو وعينو
ويحفظو بلفطفو واحسانو"

إن معنى هذا أن جمال الدين، يدعو بحق نفسه إلى أن تتزين بجمال الإسلام، ولا يدرك جمال هذا الدين إلا بحب الله المعبود، وبالعمل ليكون العبد في "سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود...."(6)

إلهنا : لا جمال إلا لوجهك، ولا إتقان إلا لفعلك، ولا نفاذ إلا لحكمك، ولا بهجة إلا لعالمك، ولا نور إلا ما سطع من دونك، ولا صواب إلا في قضائك، ولاحلاوة إلا في كلامك، ولا قوام إلا بتأييدك، ولا تمام إلا بترتيبك و لا صلاح إلا بتهذيبك، ولا مضاء إلا بتسبيبك، ولا أنس إلا مع أوليائك، ولا توكل إلا عليك و لارحمة إلا منك، ولاخير إلا عنك، ولا شرف إلا بتشريفك، ولا استبانة إلا بتعريفك و لا اهتداء إلا بتوقيفك، ولا إجابة إلا بتلطيفك، ولا رشد إلا في تكليفك.

نضيف إلى كل ما سبق، أن صاحب النص الزجلي، يدعو نفسه أن تلتزم بتقوى الله، فالعاقل من اتقى الله وبادر نعمة الله بالشكر، ورعى حرمتها، ومهد لها سبيل النجاة ليكون من السعداء "يوم لا ينفع مال و لابنون إلا من أتى الله بقلب سليم"

فهو يقول : "شربي يانفسي من شراب التقوى
شربي يانفسي واطفي عطشك"
ويقول أيضا :
"لزمي التقوى يانفسي
وشدي باليد وعضي بالنواجد
على الكتاب و السنة
وطريق اللي صدقو
تعرفي الحق بالحق
ويهديك الله لطريقو"

على هذا الأساس ، فإن أوثق العرى كلمة التقوى وكلمة تقوى الله تفسر بشكل حرفي أنها من الفعل وقى الذي من معانيه الستر و الصون و الحذر (وقاية).

يقول الأصفهاني : التقوى جعل النفس في وقاية مما يخاف، ثم يسمى الخوف تارة تقوى، والتقوى خوفا حسب تسمية مقتضى الشيء بمقتضيه و المقتضى بمقتضاه، وصار التقوى في تعارف الشرع حفظ النفس عما يؤثم، وذلك بترك المحظور (من : مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني).

ولذلك فمعنى التقوى هو الإئتمار بكلام الله أي الطاعة، فمعنى إتق الله أي إئتمر لله و التقوى هي الإئتمار عموما. فالتقوى هي الإلتزام بالأمر وتنفيذه.

ومن أهم طرق التقوى العبادة ومن تمام التقوى كما قال أبو الدرداء : "أن يتقي العبد في مثقال ذرة حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما حتى يكون حجابا بينه وبين النار، وأخذ الحسن رضي الله عنه تمرة من تمر الصدقة وكان صغيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم "كخ كخ" أي ألقها"(7)

واضح أننا هنا أمام خطاب الذات للنفس، بلون صوفي يتيح للقارئ أن يتعرف على مجموعة من المقولات الصوفية فإلى جانب التقوى نجد ما يلي : الوجد، الحال، الحركة، السكون، الحجاب، الإشارة، المحبوب، الخلوة، الشوق ذكر بحر المعاني ...إلخ

وهنا نريد أن نلح على مسألة أساسية وهي أن التصوف الذي لون زجل جمال الدين هو نشاط تربوي نفسي من اهتماماته الأولى صقل الروح وتهذيب النفس وتقويم السلوك وهو برفض التصوف المتأثر بالثقافات الأجنبية، المنحرف عن طريق السلف، المحشو بالخرافات و الشطحات. ألم نجده في البداية يقول لنفسه : "ما لبستك خرقة و لا صوفة ما سحت بيك فجبال وبراري ..."

من كل ما تقدم يتبين لنا أن التصوف الذي يرتبط به، جمال الدين تصوف سني على طريقة السلف الصالح، أي تصوف شرعي لا يخالف أحكام الشرع، فهو منهج تربوي عظيم

يهدف به السالك التقرب إلى الله عز وجل و الحصول على التواب، فالمسلم بموجب العقيدة التي يؤمن بها يعلم أن حياة الدنيا فانية، وأن مآله إلى دار القرار ولذلك يجب عليه التقرب إلى الله تعالى بالقيام بالطاعات منها المجاهدة ومحاسبة البنفس و الذكر وكما يقول ابن خلدون في مقدمته : " المريد في مجاهدته وعبادته، لابد وأن ينشأ له عن كل مجاهدة حال نتيجة تلك المجاهدة. وتلك الحال إما أن تكون نوع عبادة، فترسخ وتصير مقاما للمزيد، وإما أن لا تكون عبادة، وإنما تكون صفة حاصلة للنفس...ولا يزال المريد يترقي من مقام إلى مقام، إلى أن ينتهي إلى التوحيد و المعرفة التي هي الغاية المطلوبة للسعادة. قال صلى الله عليه وسلم : "من مات يشهدان لا إله إلا الله دخل الجنة ..." (8)

و الذي نريد أن نصل إليه من هذا هو أن المسحة الصوفية التي تلون بها زجل جمال الدين تركز على محاسبة النفس وحثها على التواب، وترغيبها في التقرب إلى الله سبحانه وتعالى كما أنها لا تخرج عن الكتاب و السنة. فهو يقول : "

لزمي التقوى يا نفسي
وشدي باليد وعضي بالنواجد
على الكتاب و السنة
وطريق اللي صدقو
تعرفي الحق بالحق
ويهديك الله لطرقو

إن ما يسترعبي الانتباه في هذا الزجل، هو أن جمال الدين اقتصر فقط على خطاب الذات للنفس ولم يكشف من خلال اللغة على خطاب النفس، خصوصا عندما يرى أنها مقسومة على اثنين :

فهو يقول : " اتوحشتك آنفسي مصباح المحبة

اتوحشتك أنفسي تفاح الرغبة
أو بكاتني الحسرة
على جوج نفوس
وحدة من وحدة محرومة
بكاتني الحسرة
على نفس وحدة
أوهي على جوج مقسومة"

وبهذا أمكن القول بأن جمال الدين في إطار المحاسبة وإرشاد النفس لما فيه من خير فضل توظيف المونولوج واستبعد استعمال الحوار، لأن هذا الأخير يعتمد على المجادلة، و المجادلة هي نوع من الحجاج و الإستدلال كقوله في سورة الأنفال "يجادلونك في الحق بعدما تبين" كما أن المجادلة هي تحاور أي تفاعل من حار، إذا أجاب، فالتحاور حصول الجواب من جانبين.

فهو قد حرص منذ البداية على أن يكون هو المخاطب الوحيد، و النفس هي المستمع الطائع. فكأن النفس بالإقتصار على الإستماع، قد شرعت بالفعل في طلب التوبة.

يقول : "

إيه يانفسي
كلتلك توحشتك ما تقتيش
إيه توحشتك أنت
توحشتك آنفسي

* * *

وبغيت ندير معاك كلسا
وكل واحد يخوي قلبو
أنت تفكري، وأنا انسا
و اللي غلط يعاود حسابو"(9)

إن جمال الدين على وعي كامل ببنيات هذا النسيج الزجلي فقد حرص منذ البداية أن يكون هناك توثر نفسي من قبل النفس، وأن لا تكون في مرتبة المجاذل، المنافح عن رأيه حتى لا تأخدها أطراف الحديث للعودة أو التفكير في العودة لما كانت فيه من غفلة ولهو...

وقد تمكن الزجال هنا من خلق عمق أساسي في الصورة مستعملا الصمت من قبل النفس كمكمل لصورة المحاسبة و الواقع أن ما يلفت الإنتباه هو أن الزجال أراد أن يجلس جلسة خاصة ولتجاذب أطراف الحديث مع نفسه حتى يستطيع كل واحد منهما أن يفرغ مالديه من شكوى.

لكنه وضع شرطا أساسيا لإدارة هذه الجلسة المأمولة : الذات تتكلم لتنسى و النفس تتفكر، من دون قول

لهذا فالمحاسبة فعل من أفعال تزكية النفس، فهي عملية مستمرة، يجلس الإنسان لوحده ليسترجع ما أقدم عليه، لتطهير النفس مما علق بها. وتزكية النفس تعني العفو و الصفح عمن أساء إليها وعدم اتباع خطوات الشيطان لأنه يأمر بالفحشاء و المنكر...إلخ.

وهاته المحاسبة التي تتجلى عبر صفحات "باب الطالب" تشكل بحق يقظة قلبية لدى صاحبها، وهي "سر السعادة" وقراءتنا لهذه الكلمات الزجلية تبين لنا أنها من النوع المحمود، وذلك أنها تحت صاحبها أن يسعى لإصلاح نفسه.

وإلى جانب ما سبق الإشارة إليه، شملت المجموعة الزجلية "باب الطالب" العديد من الأفكار، نذكر منها على الخصوص ماورد في المقطع التالي :

يقول جمال الدين : "

الناس ناعسين و يلا ماتوعاديفيقو
ويلا تساوي عندك مسا وصباح
ما يخلعك القبر وضيقو
مول البصيرة كيشوف في الليل
ومول البصر فالنهار خاصو مصباح"

ومامن شك أن النوم هنا يشير إلى الغفلة و البعد عن ذكر الله، وفي حديث بلال و الآذان "عد وقل : ألا إن العبد نام، ألا إن العبد نام" أراد بالنوم الغفلة عن وقت الآذان، يقال : نام فلان عن حاجتي، إذا غفل عنها ولم يقم بها.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت"(10) . ولكن بعد الموت يجد المرء ما كان عنه لاهيا أليس هذا بيقظة؟

ومن هذا القبيل ما قاله أبو حيان التوحيدي : "يا هذا :
انظر لنفسك يا شقي حتى متى لا تتقي
أو ما ترى الأيام تخـ تلس النفوس وتنتقي
كم من أخ أغمضته بيدي نصيح مشفق
ويئست منه ولست أطمـ ـع أن يعود فنلتقي
لا تكذبن فإنـــــــــــــه ما يجتمع يتفرق
و الموت غاية من مضى منا وغاية من بقي "

لنختم الآن هذا الإستطراد لنبين كيف أن المسلم بموجب العقيدة التي يؤمن بها يسعى إلى تهذيب نفسه و النظر إلى ماوراء الموت، و الإستعداد ليوم الرحيل، و لا رحيل بدون زاد. ولا إصلاح للنفس بدون توبة، و لا علاج لها إذا لم تسلم. هكذا نجد جمال الدين في خاتمة هذه المجموعة الزجلية يقول : "

استاقمي يانفسي وسلمي
تبراي ونبرا من سقمي
ويلا هزاتك المواجد بحالي
بالله تحركي وسكني
في الليل الحالك
أهل الله يعرفو حوالك"

لقد أجاد جمال الدين في حبك خيوط هذا الزجل، وجعل من مجموعته "باب الطالب" قطعة فنية متوهجة المشاعر، مفعمة بالإشارات الصوفية بعيدة عن التعقيد أو الغموض الصوفي المبهم، كما جعلها تنهل من نبع الكتاب و السنة دون نسيان المقصود من كل ذلك وهو التقرب إلى الله عز و جل لأن جوهر أهل البوح الصوفي وهدفهم الأسمى هو الله وشعارهم الأبدي " لا مقصود إلا الله".وقد أعلن جمال الدين منذ الصفحة الأولى قائلا : "

الطريق سباب
و المقصود الله

والحقيقة أن طريق السير إلى الله ليست لها معالم في لباس الخرقة و الصوف، وإنما معالمها في إتباع الكتاب و السنة و تزكية النفس و الحرص على سلامة القلب، وما أحوجنا اليوم إلى مثل هذه الهمسات الصوفية مع النفس لننير بها تربويا ظلمة أعماقنا الإنسانية، ونطهر وجداننا و نسمو إلى التقرب إلله بصدق العبادة و إلتزام الشريعة وإزالة كل الحجب المادية عن النفس لتمكينها من صياغة سلوك إنساني يبعث الأمل و الطمأنينة في القلب و الصفاء في الفكر.

مناجي أحمد

10/12/2011

الصحة نعمة

بخط الشاعر عبد المجيد رزوقي


بركان ¤ أكتوبر 2011



الصحة نعمة جليلة  ¤  يا ذاك الغافل ردّ البال
و لو ساعتها طويلة  ¤  راه دوامها من المحال
إلا فرّط ف حاجة قليلة  ¤  أكيد ما يزهى لك حال
مرّة هشيشة عليلة  ¤  مرّة تعيى و مرّة تذبال
ما تنباع بثمن غالي  ¤  ما تتواجد في الاكوان
بلا صحّة الجوف خالي  ¤  من برّا ما يبان للأعيان
العضم إلا كان بالي  ¤  يفقد القوة يرشّي الابدان
مول الصحة تاجُه يلالي  ¤  ما يشوفُه غ مريض و عيان
الصحة هي راس مالي  ¤  بلا بها ما نعيش في الأمان
نحمد الله ربّي العالي  ¤  على الصحة ساس الكيان
الضرّ كثر في زماني  ¤  سوّلت عليه ما كان وجاب
الضرّ إلا كواني ¤  نزور الحكيم و ندير سباب
و المرض إلا بلاني  ¤  نعالجُه بالصبر و الاصحاب
زيارة تطوي امحاني  ¤  و تخفّف من السقام و العذاب
كلمة زينة في أوذاني  ¤  تسري و تجلي عليّ الاتعاب
و إلا حبيبي جفاني  ¤  الضرّ يضّاعف يا الاحباب
نقدّم لك ذ الوصاية  ¤  ما تزور لا طبيب و لا عطّار
دواك هو وقاية  ¤  تحميك من السقام و الاخطار
الحمية هي دوايَ  ¤  يا من سالني على الأضرار

 
عبد المجيد رزوقي

25/11/2011

زهرة لوعار

Cactus صبّار

© Yamal


-1-

نَـبْـــدا باسـم الله نَـظْـمـي يـا حضـــرة
والصلاة والسـلام عْليهْ طه بـولَـنْــوار
ربـي سَخَّـــرْ لـي ذو بْيـاتي بَ الــراء
عَـزّْ طْيـاري طــارْ يَخْبَـرْني ما صـار

*****

يا السّـامَــعْ اسْمَــعْ طـيـــري مــاذا را
اسْـتـَـلـْـغَ وقـْـرا اسْتـَفْـصَلْ ذو لـَشْعـار
ﯕـَصَّــبْ ﯕـَصّـــابي مَ هْمـومي نَبْــــرا
نـَنـْـﯕـَـــرْ الـﯕـَـــلاّلْ وَنْغَــنّـي بَجْهـــار

 

*****

يا مَجْـمَـعْ لـَـكـْــلامْ يا قــومْ الْـهَـــدْرة
رَفـْعـوا مَنْ لَمْقــامْ وُقــيلــوا لـَعْــيـــار
مالْكــوا يا بَـرْدي ﯕــولوا واشْ طـْــرا
قَـوّيــتـوهْ الـنّـــابْ وُزَدْتـوا لـَـمْــــرار
يَهْــديـكـُــمْ الله واشْ هـاذ الغــمــــرة
اسْتـَحْيوا.. لِيّـاهْ لـْـسـانـْـكـُمْ طـَرْطـار
عْـواجْ لـْكـُـمْ الفُمْ ﯕــولوا واشْ صْــرا
شي يْعَضّْ فْ شي ليهْ تَـزَّرْعوا لَغْيـار
راسـي دَرْدَزْتـــوهْ رانـي في حـيـــرة
كـْبيـرْكـُمْ ثـَـرْثـارْ وصْغيـرْكـُـمْ هَــدّار
الهـــرَجْ المـــرَجْ وانْـتُــــمَ فَ عْــــرا
ديـروا عْـقــولـْكـُـمْ وفـَّـتـْحــوا حِــوار
شوفوا ناسْ النّورْ وَصْلوا لَ الـﯕــَـمْرة
راحـوا لَ النـُّجـومْ يَـكـَّشْـفـوا لـَسْــرار
جَـــرّاوْ الـبُـحـــوثْ في عِـلـْــم الـــذرة
وكـــذا مَـنْ عُـلــوم ف عْماقْ الـبـحــار
وزِدْ الديـجـيـتـــالْ داروا بـِـهْ ثــَـــوْرة
والعالـَـمْ الله ما يْجـيــنـــا مَ خـْــبـــــار
وانـْـتـُـــمَ مــازالْ تـَــدَّرْســــوا بَـــــرّا
عــارْ عْـليـكـُــمْ عــارْ والله يِلا عــار
يـا قـــومْ الـهـَــدْرة يـَـــزّا ثــــرثــــرة
حَكـْمـوهْ اللـِّســانْ ديــروا لـَهْ عْـبـــار
لامـانــة لامــانْ اسَّمْعــوا غي مَــــرَّة
الـرجـــوع لله لـَـحْــنــيـــنْ الغــفـّــــار
اَللي وْصَلْ مَنْكُمْ يَغْطَسْ ف الـﯕــَــدْرة
يَهْــرَفْ وُيَـلـْحَــسْ ما يْخـَـلــّـي آثـــار
اَللي يْجـي بِكـُـمْ يَحْـلـَــبْ البـَــﯕــْـــرة
وتـْـﯕــولوا ماكانـْشْ.. وَزَّعْتوا لـَـدْوار
ويلا واحَــدْ بــــانْ حــازَمْ الـْـغـيــــرة
تـَـتـْـحامـاوْ عْـليهْ مْعَ شْياطـَـنْ كـْـبــار
تــَتـْــقــاراوْ عْـليـهْ دّيــروا شَـوْشَـــرَة
وتـْجيبـوهْ بَــرّا وما تـَلـْـﯕـــاوْ عْـــذار

*****

ﯕـَصَّـبْ ﯕـَـصّـابـي مَ هْمـومي نَـبْـــرا
نـَنـْـﯕـَـــرْ الـﯕـَـــلاّلْ وَنْغَنـّـي بَجْهـــار

*****

ليـهْ الفســادْ ليـهْ الظـُّـلـْــمْ والحـﯕــْــرة
يا اهْـلَ الطـّـُـغـْـيـانْ غَـرّْكـُـمْ الغَـــرّار
ربي يْديـرْ سْبــابْ صاحَــبْ القـُـــدْرة
يَـتـْـبَــدَّلْ الحــالْ وتـْـنـَـدْموا آ فـُـجّــار
اَلْمُـواطِــنْ مَـلّ ْ في ﯕــَـلـْـبَــهْ فــــوْرة
حتى لايَـنْ يَـبْـقى في هَـمّـه مَجْـــرار
شْحـــالْ قَـدّه يَقـْـبَــلْ عيشَـةْ القـُـهْـــرة
يا خْـلادَرْ الشَّـرّ عَنـْـدْكـُـمْ لـَـنـْـفِـجــار
المَسْـكيـنْ مَعْصـورْ جْيوبه مَـنـْخـورة
البـِـطـالـة أُلــوفْ.. اسْـتـَـرْ يا سَـتـّــار
واللي عـافـَـرْ وقـْـرا وجابْ الدكتـورة
خَـلـّيـتـوهْ بْــلاشْ يـِنـَحْــرَﯕـْ بَالـنـّـــار
المـدرسة يا نـاسْ ساسَـتْ مَضْــرورة
والصحة مْريضة شوفوا لَ السّـْبيطـار
فْ كـُـلّ ْ مْكانْ تـْبانْ مْحايَـنْ مَنْثـورة
ويـنْ الـوُعــودْ ويـنْ.. بونـادَمْ نَـكـّــار
كُـلـْـشي زادْ غْـلا البوطـة والكـَـسْــرة
الـدّْوا الضَّــوْ الـْمـا لاتـايْ والسُّـكـّــار
زيـتْ صابـونْ دْﯕيـﯕـْ فاكِهـة خُضْـرة
شوفْ كُلْشي مَطْروحْ فَ السّوقْ الْحَرْحار
وذا بَرّا مَـفـْـﯕـوعْ.. حالتـه مَجْــرورة
صْعابْ عْليهْ العيش وثـْـقـالـَـتْ لَـوْزار
مْجَيَّفْ.. مـَﯕـْطوعْ.. الْماء بَالـﯕــُـتـْـرة
باشْ يَعْتـَقْ الـرّوحْ يَمْشي نصّ نْهـار
وذاكْ ضْحى رحّـالْ لَ مْـدُنْ لـَـمْـرورة
الدْواوَرْ هَجْـروهـا ويـنْ ذيـكْ الـدِّيــار
صْبَحْ عايَشْ فَ الزَّنْكْ لا عْشا لا ستْرة
حْياتُه بْحالْ الفارْ غي بينْ زوجْ امْتـار

-----

وانـْـتـُـم عِمـاراتْ ڤيــلاّتْ وُ شُـهْـــرة
لَوْزينـاتْ وُزِدْ.. فـْـرَمْ ألَـفْ اوْﯕـْـتــار
پـيسينــاتْ كـْبــارْ.. لَمْيــاهْ شَـرْشــارة
لَمّاكـَـلْ شْكـالْ.. والْويسْكي شَـرْشـــارْ
اتّاجْروا فَ السُّمومْ الشّوري والغبـرة
الفسـادْ جَرّيتــوهْ.. ورْسا في لـَغْـــوار
طـْـبايَعْكـُـمْ شِيـنـيــنْ يا وْلادْ الـعـــرة
ما عَنْـدْكـُـمْ ملَّـة يا الـﯕـَـنـْــسْ الغَـــدّار
خـيــرْ ربي موجـودْ لـيـهْ الـفُــقَـــراء
ليهْ قـَـلـَّة الشّـي وكـْنوزْنا بِ لـَكـْـثـار
مَـعــادِنْ سُهــولْ وَدْيانْ وُ صحـــراء
بحر وْطا وجْبالْ.. تاريخْ ناسْ اخْيــار
تـْخـونـوا لـَوْطـَـنْ ليهْ.. ليهْ آ الـغــدّارة
ليـهْ آ عْـبيـدْ المالْ حاميتـوا لـَـشْـــرار
يا سِـياسْ الجـورْ ما عَـنْـدْكـُـمْ جَــذْرة
بْلا سـاسْ بْنيتـوا وعـَـلـّـيتـوا لـَـسْــوار
بْلا ما نْزيدْ نـْـﯕـُولْ كـُلـّـْشي راهْ فْـرى
شْـكـونْ يِداويهــا يا شـافي لـَـضْـــرار
الضر وْصَلْ الـﯕــاعْ.. ما خَلَّصْ كْـراء
الذاتْ عْـليلـة.. ما يَـنـْـفـَـعْهـا تـَـبْخــار
البَـــرْﯕــْ يِلا شـالـى وبَـــدّاتْ الـــزرة
شْكونْ يـَلـْـﯕـى حامولْ الوادْ الْهَرْهــار
واشْ دّيروا ميـنْ طـّـيحوا فَ الْحفــرة
وينْ تـْروحوا ويـنْ تـْـلوذوا بَالـْفـِــرار

*****

ﯕـَصَّـبْ ﯕـَصّـابـي مَ هْـمـومي نَـبْــــرا
نـَنـْـﯕــَـرْ الـﯕــَـــلاّلْ وَنـْغَـنـّـي بَجْهــار

*****

-2-

الـشـعــــب يِـلا رادْ حـْـيـاتــه حـُــــرّة
فـلا بـُــدَّ مـا تـَـسـْــتـَـجـَــبْ لـَـقـْــــدار
ولا بـُــدَّ مـا تـَـطـْـلـَــعْ الـﯕــَـــمْــــــرة
تـَـرْﯕــُـصْ الـنـُّجـومْ ويبـانْ الـْمَـســـار
يِروحْ الليـلْ يِروحْ وتـْـبـانْ البـشْــرى
يَرْﯕــَـبْ الْفـَـجَــرْ وُتـَـشْــرَقْ لـَـنـْــوار
تـَـطـْـلـَـعْ شَمْسْنـا وْتـَـزْيــانْ النـظــرة
تـَـدْفـَـﯕـ ْ العُـيـونْ وتـْـفـَــتـَّـحْ لـَـزْهـار

*****

ﯕـَصَّـبْ ﯕـَصّـابـي مَ هْـمـومي نَـبْــــرا
نـَنـْـﯕــَـرْ الـﯕــَـــلاّلْ وَنـْغَـنـّـي بَجْهــار

*****

بْلادي صْباحْ الخيرْ يا مّـا يا خَضْـراء
صْباحْ الرّْبيعْ كـْساكْ وغْنايَـةْ لـَطـْيــار
تْغَنّي بْ يا سَلامْ فْ حُضْنَكْ يا زَهْراء
تـْعَشَّـشْ عَلْ لـَبْساطـْ وُفـوﯕـْ الأَشْجـار
ذو شْـبـابَــكْ اليــومْ زِيـنــة وعْـمــارة
الاّ عَزَّكْ مَقـْيـومْ بْ ذو اوْلادْ التَّعْمـار
جْبالْ وْطا صَحْراء الْحُومة والدَّشْـرة
رايَـتـْـهُـــمْ ســلامْ ما كــايَـــنْ دَمــــار
صْبـاحْ العَـزّْ والنـّـورْ يا مّــا يا نـورة
صْباحَـكْ بَـنـَّعْمـانْ صْباحْ كـُـلـّه نـوّار
شْبـابَــكْ عَـشْــرانْ فـْهامـة وشْــوارة
شْبـابَــكْ نــورانْ بَـشَّـــرْ يـا بَـشـّــــار
دَﯕـْـدَﯕـْ ﯕــَـلـْبي طـارْ قـَـشْعَـتْ لِنــارة
يا فـَرْحي بَشْبـابْ قـَـشْعْوا كِـ لـَقـْـمـار
احْـلام وُآمـــالْ.. يِـحـَـلـّــيـوْ الـمُـــرة
ذو اوْلادْ السلامْ.. شْكونْ ﯕـالْ صْغـار
يَزَّرْعـوا ف الـْحُـب يَـزْهَـرْ بَالكـَثـْــرة
الـْوَلـْـفْ وُلامـانْ اخْـزَنْ بْـلا تـَسْـيــار
يَـزَّرْعوا ف الخـيـــر يـا مّـا يا خيــرة
ربـي يْعـاوَنـْـهُــمْ يـِجـوزوا لـَــوْعـــار
هذا جيلْ جْديـدْ.. كـْـبيـرْ صْغيـرْ امْـرة
لا عَـبْـدْ وُلا سيـدْ.. ﯕــاعْ حْنـا بَـشَـــ
طاروا الفـوﯕـْ حْـرارْ ذو وْلادْ الحُــرّة
والـْوَطـَـنْ الْـحُــرّ ْ لَ اوْلاده لـَـحْــرار
طِرْ آ طيري طِــرْ مْعَ نـاسْ العَشْــرة
عانـَـﯕ ْ نور الشمسْ يا الطـّيـرْ البَشّـار
رْياحْ الشّـْـتاء حَلاّتْ شَـلاّ مَنْ زَهْرة
وجـاتْ رْياحْ الرّْبيـعْ تـْـفـاجي لـَكـْـدار
نَرْجاوْ صيفْ يِجي حْصاده بْلا سَدْرة
بَـتـْويـزة والشّــانْ نَجْنيـوْ في لـَثـْمــار
يِجي لَخْريفْ يـَلـْﯕـى مْطامَرْ مَطْمورة
ومْعَ لَهْنـا والحـب تـْزَغْـرَتْ لـَـعْــذار

*****

ﯕـَصَّـبْ ﯕـَصّـابـي مَ هْـمـومي نَـبْــــرا
نـَنـْـﯕــَـرْ الـﯕــَـــلاّلْ وَنـْغَـنـّـي بَجْهــار

*****

يـا قـــومْ الـهـَــدْرة يـَـــزّاثــــرثــــرة
خَـلـّـوهْ ﯕـَـلـْبي ياهْ.. لا تـْزيدوهْ جْمـار
لا تـَـنـْـسـاوْ الـزّْمـــانْ ايّــامــه دوّارة
شْحالْ قَدّه يَعْمي بْخورْكـُمْ في لـَبْصـار
ويَــزّاكـُــمْ هْـــزا يـا اللي فَ الــــورا
احْمَدْ طيره فَ سْماهْ..علاهْ ما فيهْ غْبار
مْعَ رْيـاحْ الـﯕـَصْـبـة بانـَـتْ لـَـهْ مـارة
وَبـِحَمْــدِ الله يَـخْـتـَــمْ ذو لـَــشْــعــــار

*******

أحمد اليعقوبي

06 مارس 2011

14/11/2011

يا ذاك لعليل

عين الرقادة : لالّة خضرا

© Yamal
يا ذاك لعليل
نعرفك ولد النا س
حنين وعفيف وأصيل
اسمع مني كُول
ل بلادك عود وجول
و زور لاله خضرا
و من جنانها الظليل
شم زهره
وكُول ثمره
تعفا بـ حول الله و تبرا
و من عين الخليل
اشرب و اروا
ما سلسبيل و هوا
و من وجهو الجميل
اغنم نظرا
ومعاه سهرا
تشفي منُّو غليل
و طول الليل
سبح حتى للصبح
و صلي و اقرا
تهدا وتهنا و تغنا
و ما تشوف حياتك
عيشه مُره
راه زمان لعمر قليل
و الدنيا كاويه جمره
ما يكفيها و يطفيها
غير خد بْليل
بـ دمعه حاره حُره
خشوع و خضوع
لـ العالي الجليل
و صفا و وفا
لـ حب غالي و نْبيل



©عبد المالك المومني

21/09/2011

بغيت فيزا لكازا

بغيت فيزا لكازا
نلبس قميجة و سروال
الحال ما بحالو حال
و الجيب ما فيه ريال


بغيت فيزا لكازا
ندير الريحة و الكرفاط
الذات عديمة
و المشية مشية ضباط
ألف ابتسامة و الكَلب عيا من العياط
تقاشر مثقوبة ساترها غير السباط

 
بغيت فيزا لكازا
نهار ا فيام في القهاوي
تقرقيب الناب على الخاوي
العام زين العام ضاوي
نشوف الوداد نعشق الرجا
و العام اللي جا يلقاني فراجة


بغيت فيزا لكازا
و كازا بغات فيزا
فيزا للحياة
فيزا للحرية
بغات خيرها لمٌاليها
بغات اللي غاب يرجع ليها


خليل القضيوي الإدريسي ©

من ديوان : بغيت نحيا ... بغيت نعيش

ص ص : 58 ، 60



بغيت نحيا ... بغيت نعيش


زجل


خليل القضيوي الإدريسي


الغلاف : نور الدين فاتحي


مطبعة دار السعادة ¤ الدار البيضاء

1998


14/09/2011

لمّة ريحة لبلاد



ف جنان غربه يشبه صحرا
نبتت ف ﯖلبي من وحشي زهرا
سـﮜيتها من  عروقي
ومن ما روحي قطرا قطرا
وغذّيتها ب مهل وعقل وفكره
حتى نعنعت وكْحالت خَضرا
زيانت ومْلاحت معنى ونظرا
من حبي لـ بلادي وعيني الحورا
رسمت حروفها ف احسن صورة
سميتها ريحة لبلاد لاله خضرا
وف واحد الوقت زارني خليل مرة
وقعدنا ف ليل بليل ف الجنينه برَّا
شافها بعينو بعد ما سمع واقرا
تعجب قال :ما ريت ليها مثيل
جمال وطول وكول والنور كمرا
محبوبة كل الناس خُوده عذرا
ووليَّه مرزنه وشريفه حرة
زاهْده عابْده ما تكثَّر هدرة
لكن وحيده وفريده يا حسرا
عزيزة النفس مخنثه مخنطرا
ليها من الناس عفرا و نفرا
ارحل بها وجي لبلاد ف سفره
تتونسوا بـ لحباب ولصحاب
تستاهلوا منهم خير ولمَّه وسهرا
وهكذا درت ب كلام لخليل
وعزمت ورحلت ف نهار و ليل
وتلاقاوا لينا بالوجوه البيضا والسمرا
وضيفونا ف كل دار ودوار ودشره
وقاموا فرح وميلاد لـ بنت لبلاد
وشهّروا بها وبيا فخره ونعرة
كيف يا حباب بعد للي جرا
نشكر ونرد ليكم دينكم ب وفره
ب ﯖــول ما نقصد بيه بيع وشرا
صدق ونيَّه وصفا ووْفا وعَشْره
لا حقد لا حسد واحسن جوره
والشكر لله عليها والعُقبـا لا خرى
والصلاه والسلام ب لكمال والتمام
على النبي محمد واصحابو عشره

© عبد المالك المومني

27/08/2011

مسخوط أمُّه و بّاه حرام الكلام معه


علاش يا مسخوط الوالدين ¤ كبّرتك يمّاك و رميتها ف الخيرية
تبكي و تكَول غادي بيَ فين ¤ أنا يمّاك ربّيتك كي كنت قويّة
يا ولدي لا سمع لا عينين ¤ و مريضة فين غادي بيَّ
الوالدين هما أساس الدين ¤ خاف يا ولدي بالقوّة الربانية
تسع شهور في كرشي جنين ¤ و ولدتك و غسلت وسخك بيديَّ
يا ولدي الفقر و ربّيتك سنين ¤ و رضعت لحليب اللّي فيَّ
كنت توسخني بوسخك الشين ¤ نضحك و نقول ألف هنيّة
ويلا مرضت ما نغمّض العين ¤ نتمنّى مرضك يولّي ليَّ
على صدري قابْضاك باليدّين ¤ نبكي و الدموع تسيل بعينيَّ
و نكَول يا سيدي ربّي لحنين ¤ شافي ولدي و جود عليًّ
و نهار كبرت و ولّيت متين ¤ خلاصي فدار العجزة مرميّة
راني غضبانة و القلب حزين ¤ يا ولدي فين الرجلة العربيّة
مريضة يمكن باقي لي شهرين ¤ ويلا سمحت فيّ سكتة قلبيّة
و الكلّ يموت يتغطّى بالطين ¤ و يتحاكم فالمحكمة السماويّة
بالسخط تدخل أسفل سافلين ¤ برضايَ تربح الجنّة هديّة
برضايَ تلقى ربّ العالمين ¤ و تقول ربحت الفردوس بوالديَّ
يفرحوا بك الموتى المرحومين ¤ و الكلّ يبارك لْ روحك المرضيّة
و تشوف بعنيك عقاب المسخوطين ¤ أكثر بحرب هتلر العالميّة
عاقّين الوالدين ممسوخين ¤ وخّا يكونوا ريّاس بلديّة
و أولاد المسخوطين قاسحين ¤ و المسخوط كي يولد يولد بليّة
خناجر بريوس والديهم مسنونين ¤ ما فيهم حشمة ما فيهم نيّة
كنتِ الْملود ولاّ نسرين ¤ دعوة الوالدين حاجة مقضيّة
ربّي شديد يستاجب فالحين ¤ النار فالآخرة و المسخ فالدنيا
يا المسخوط وجّد نفسك لْ عزرين ¤ يا المرضي مبروك نفسك محميّة
يا أخي خذها منّي يقين ¤ دعاهم يوصل مثل البرقية
و الوالدين هما دار التكوين ¤ و تفكّر لا تكَول حاجة منسيّة
يكسروك الوالدين فحمى الصالحين ¤ و لو يعينك عفريت ولاّ جنيّة
قلْ يا رضاة الوالدين أنتِ فين ¤ جرّب أخي حضّر النيّة
وخّا تكون حاصل في كمين ¤ تنجى برضاهم و القوّة الإلهيّة
و الوالدين بأولادهم حاسّين ¤ تهلّى يا الولد يا لَبنيّة


Ahmed  Azizi ¤ Berkane : 18.08.2011 أحمد عزيزي ¤ بركان
© Yamal

أحمد عزيزي ©

26/08/2011

الكَوّال

إلى كلّ الأصدقاء الشعراء و الزجّالين

كَول يا كَوّال
و اجهر بالكَول
ازجل يا زجّال
و نوّر لَعقول
كَول بالنظم
كَول بْ لَقوافي
فاجي الهمّ
بالكَول الصافي
و ذني ذوّاقة
و حسّي رهيف
نفسي عشّاقة
و كَلبي ضعيف
كَولك حكمة
فيه اسرار
للناس رحمة
كبار و صغار
كَولك زين و موزون
ما تقدّرُه سومة
يبيّن الكنز مدفون
و معانيه مفهومة
جوهر مرصّع مكنون
به الناس مغرومة
زين فن الفنون
كالكَصبة الموشومة
تنوح بصوت حنين
بإتقان مخدومة


فريد كومار ©




© Yamal