إذا كنّا نريد تعريفاً محدّداً للأغنية الشعبية يميّزها عن غيرها من الأغاني الشائعة، فإنّنا لا بدّ أن نضع في اعتبارنا ما يلي
أوّلاً : إن الأغنية الشعبية يجب أن تكون ـ و هي كذلك بالفعل ـ شائعة و لكنّنا يجب أن نحترز هنا بأنّه ليس كلّ أغنية شعبية بالضرورة
ثانياً : إن الأغنية الشعبية تبلغ أوج ازدهارها في المجتمعات الشعبية حيث لا يوجد لها نصّ مدوّن، سواء كان هذا النص شعريا أم موسيقياًّ
ثالثاً : إنّ انتقال الأغنية الشعبية عن طريق الرواية الشفهيّة ، قد أوجد نصوصاً عديدةً للأغنية ذاتها في إطار المجتمع الواحد، و من ثمّ فهي تتميّز بأنّ لها أكثر من شكل، و أنّها واسعة الانتشار، ذلك أنّ اللحن يدخل هنا كعامل مساعد يذلّل كثيراً من العقبات، و يزيل كثيراً من الحواجز التي قد تصادف الأغنية أثناء انتشارها
رابعاً : إن سمة المرونة التي تتّصف بها الأغنية الشعبية و التي تساعدها على أن تظلّ محفورة في ذاكرة الناس، و أن تتعدّل باستمرار
لمواجهة الأنماط الجديدة في الحياة و التعبير، من أهمّ الخصائص التي يجب الالتفات إليها
خامساً : إن الأغنية الشعبية أكثر محافظة على الأسلوب الموسيقي الذي تستخدمه بالقياس إلى غيرها من الأغاني
سادساً : إن أسماء الذين ألّفوا الأغاني مجهولة تماماً عند المغنّين، فيما عدا المحترفين منهم الذين يكتب لهم مؤلّفون معروفون بالنسبة إليهم
أغاني و مواويل خاصة بهم
سابعاً : إنه على الرغم من الانتقال الشفاهي و الجهل بالمؤلّف اللذين تتّصف بهما الأغنية الشعبية عامّة، إلاّ أنّه لا يمكن الجزم بعدم وجود مؤلّف معيّن أو نصّ مدوّن لبعض الأغاني الشعبية
ثامناً : إنّه يمكن إضفاء صفة الشعبية على الأغاني التي أبدعها فرد من الأفراد، ثمّ ذابت في التراث الشعبي الشفاهي للمجتمع. فقد دلّت الدراسات الحديثة على أنّ دور الجماعة ليس إبداع الأغنية بقدر ما هو إعادة لهذا الإبداع، فالشعب ككلّ ـ عمليّاً ـ لا يستطيع على الإطلاق أن يخلق شيئاً و إنّما يأتي الخلق و الإبداع دائماً من شخص فرد، ثمّ يتبنّى الشعب إبداعه و قد يعدّل فيه و يغيّر، و من ثمّ ينسب إلى الشعب بعد ذلك، و ينسى المبدع الأصلي ـ المؤلف ـ تماماً
*
الدكتور أحمد مرسي
الأغنية الشعبيّة
المكتبة الثقافية العدد 254
الهيئة المصرية العامة للتأليف و النشر 1970
ص : 13 و 14
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire