29/04/2012

عن ديوان عبد المالك المومني : ريحة لبلاد خضرا

Reggada عين الرقادة
عين الركَادة ¤ لالّة خضرا

باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أمّا بعد:
فحمداً لله عز وجلّ، الذي وهبنا العافية لنحضر هذه الأمسية الإبداعية، في ربع عين الركَادة، الذي هو ربع طفولتنا، كما هو ربع أسلافنا، تغمدهم الله برحمته أجمعين. وشكراً للإخوان الذين أعدّوا لنا هذه الجلسة الثقافية، وشكراً للأصدقاء الذين رافقونا إلى هذه العين التي تغنّت بها الأهازيج الشعبية، وأعارت اسمها لنوع من الرقص المنكَوشي صار ذا صيت عالميّ؛ هذه العين التي ألهمت الشاعر  عبد المالك المومني ديوانه الزجلي : ريحة لبلاد خضرا، والتي إذا وقف واقف عليها، وهي على ما هي عليه الآن، ونظر إلى الأشجار التي حولها و لم ير عشّ لقلاق، ولم تصدم سمعه جعجعة رحى، ولم يسترعه خفر عذارى، فتعجّب كيف لهذه العين الباهتة الكئيبة أن تيّمت أديباً، فقصر عليها سرده في الجناح الهيمان بنبع ركَادة الوسنان، وزجله في الديوان المشار إليه؟
غير أنّ هذا الواقف لو صادف النبع فائراً لأخذه سحره، وعمي عمّا حوله من إهمال. ومثل هذا مثل الذي وقف على بويب، وهو وادٍ، في شعر السياب، ذو سحر أسطوريّ، وهو، في الواقع، مجرد وادٍ عادي، ليس به ما يأخذ بألباب الناظرين. وتفسير هذا أنّ وظيفة الفنّ، عند كثير من الفنانين، تجميل للحياة. كما لا ينبغي أن يغيب عن الذهن أنّ الرمز ليس هو المرموز. والشعر هو خلاصة الثقافة، وعصارة الذوق. فهو لذلك فنّ مركّز، يضغط في أبياته القليلة ما يوحي بالكثير إلى أصحاب الأ فهام.( توفيق الحكيم ¤ فن الأدب .(

وينطبق هذا الكلام على  ريحة لبلاد خضرا، رابع مجموعة زجلية، صادرة لشعراء زجّالين من بركان: همّ الدنيا لأحمد عزيزي، والكَصبة والطير لأحمد اليعقوبي، ويا مّا غدّا العيد ليوسف الطاهري . وقد انضافت إليها، مؤخراً، المجموعة الزجلية الثانية لشاعرنا أحمد اليعقوبي: رياح النور.

وبديوانه يثري المبدع عبد المالك المومني متن الزجل المغربي بأهزوجة محكية، منظومة في حبّ الأهل والأوطان، من كرم المحبّة و لبّ الحكمة، مسقية من نبع الحنان والرحمة.
يقول الشاعر في العتبة:

وذا الكلام أنا بغيه بْديع 
 ص: 17
... ... ...
ف حبّ لَهل ولوطان نْظمتو
من كرم لمحبّة ولبّ الحكمة
مروي من عين المحنّة والرحمة   
 ص: 18

وهو كلام مفعم بالنفحات الصوفية. يستمر شاعرنا قائلاً عن كلامه:

من محّ الروح مليتو
هي ف الظاهر
ريشة ف مهبّ الريح
تارة ب عطر لطهار فايحة
تارة من تقل لوزار طايحة
ساعة ب سرّ الحكمة قايلة
ساعة ب سكر الباطل مايلة
 ص: 19

والروح، التي ورد لفظها في الديوان اثنتي عشرة مرّة، من الكلمات المفاتيح، هي ولفظ الحال الوارد أربعاً وخمسين مرّة، وخضرا إحدى وثلاثين مرّة. وإليكم شيء من تفصيل ذلك؛ فالديوان مشكّل من عشرة أساليب نداء، هي نصوصه المعنونة بالعتبة، والدار، ومرسول، وخيال خضرا، وخليل الصغر، ولوساد، ومول حال، واوطاني وحدة، والدالية، والغرفة.

المنادي فيها هو الشاعر.

أمّا المنادى (المخاطب) فتوضيحه كما يلي:

أوّلاً: المتلقّي القارئ

ففي العتبة يدعو الشاعر المتلقي إلى قراءة كلامه بتمعّن وتفكّز:

نبغيك تعرفو وتشوفو
تعرضو صورة صورة
وتقراه سطر سطر
وتتمعّن فيه و تفكّر 
  ص: 17

كما يرجوه أن يعتمد إلى النزاهة في الحكم عليه :

يا سامع كَولي وناظر
نرجاك لا تكون جاير
وتحكم عليّ بالظاهر
  ص: 21

ويتوجّه الشاعر إلى متلقّيه، في الدالية، بالنداء، معرباً له عن سماحته قائلاً:

يا من ف ريحة لبلاد قراني
وفهم ولاّ ما فهم كَولي ومعاني
وعزم وركب بغى يلقاني
أنا بّدْني حذاك ب جنبك
وبْ قلبي معاك ف قلبك 
 ص: 92

ثانياً: مخاطّب مصنّف حسب قربه من الشاعر:

ا ـ لحباب والخلاّن؛
ب ـ الناس ولسياد و الحضرة.
ج ـ العذّال.

ثالثاً: الله عزّ وجلّ.

في نص الغرفة خاتمة الديوان، وهي خاتمة استغفاريّة تضرّعيّة، يقول الشاعر:

يا لطيف الطف ب حالي   
... ... ...
يا قوي قوّي إيماني
 ص: 99

أمّا موضوع النداء فهو التعبير عن الحال، وهو صلب الديوان. ومن هنا تكرار لفظ الحال في خاتمات نصوص الديوان كلّها. وتمثيلاً، أورد خاتمة النص الأول العتبة:

... ... ...
ويشوف العالي من حالي
را هيَ حال
واش من حال!  
 ص: 21
وخاتمة النص الأخير الغرفة:
... ... ...
ويا سعدي من صلاح حالي
وكانت حال
واش من حال!  
ص: 110

والحال المقصودة حال متيّم بمكان ارتبط به ارتباطاً وثيقاً عميقاً، ألا وهو عين الركَادة: لالّة خضرا، التي يقول عنها الشاعر ببلاغة أخّاذة:

عمت فيها أيّام صغري
وعامت فيّ طول عمري
  ص: 50

حالٌ يقول عنها صاحبها:

وحالي يا حباب سقام غرام
وغرامي هيام
ولحلام ل العارفين حقّ وإلهام 
 ص: 24

حال العشاق العذريّين، أمثال قيس وجميل، وغيرهما، المتفانين في هيامهم، المضحّين في سبيل عشقهم.
وما حبّ الأوطان بتعصّب وانغلاق:

لكن يا اهلي يا لحباب
ريحة لبلاد
 هي ريحة لبلاد
لِها جذبة
لِها محبّة
لِها سلطان
يغلب الزمان 
 ص: 63

تلك نظرة عجلى، في أزجال الصديق عبد المالك المومني، الذي بوّأ العين الوسنى مكانة إبداعيّة سامية. فهنيئاً للالّه خضرا بابنها المبدع البارّ. وهنيئاً لنا به جميعاً. وشكراً لكم، لأنّكم منحتمونا وقتاً ثميناً للإصغاء  إلى كلام عن الإبداع و الأشعار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ميلّي : 17 أبريل  2012

جمال الخلاّدي


10/04/2012

ثنائية النور والظلام من خلال ديوان رياح النور



في هذه الأمسية البهيجة، يسعدني أن أتكلّم باعتباري واحداً ممّن أهدى إليهم الشاعر الصديق أحمد اليعقوبي ديوانه الثاني، كما فعل مع ديوانه الأول الكَصبة والطير، أي باعتباري عاشقاً للزجل والمشيخة والغيوان، ومحبّاً للتراث مهتمّاً به
فشكراً لشاعرنا على هذه الهدية الرائعة، وشكراً للإخوان الأفاضل في جمعية أبركان للثقافة والتراث، وجمعية الليمون للأعمال الاجتماعية لموظفي وأعوان عمالة إقليم بركان، والمنظمة المغربية للكشافة والمرشدات فرع بركان، الذين هيأوا لنا هذا الفضاء حيث نجتمع محتفلين بديوان رياح النور، خامس ديوان زجل، يصدر لمبدعين
من بركان الغالية، بعد الدواوين التالية همّ الدنيا لأحمد عزيزي، والكَصبة والطير
  لأحمد اليعقوبي، ويا مّا غدّا العيد ليوسف الطاهري٬ وريحة لبلاد خضرا لعبد المالك المومني

ولا بأس بداية من التعرض لسياق صدور الديوان المحتفى به ؛ فمتتبّع الأدبيات الشعبية، منذ بداية قرننا الحالي، يلاحظ ظهور إصدارات هامّة في وطننا، فعلى صعيد التراث، أشير إلى صدور كتاب تاريخ الأزجال    
والأمثال ، في خمسة أجزاء، من إنجاز د. محمد بنشريفة، وهو عمل ضخم كمّاً و كيفاً  . وصدور ستة دواوين، من موسوعة الملحون، تحت إشراف د. عباس الجراري، وهي لشيوخ فطاحل هم : عبد العزيز المغراوي ، الجيلالي امثيرد ، عبد القادر العلمي ، محمد بن علي ولد رزين، التهامي المدغري ، أحمد الكَندوز
وعلى صعيد الإبداعات الزجلية المعاصرة، أصدرت وزارة الثقافة الأعمال الكاملة للشاعرين حسن المفتي وأحمد لمسيّح . كما تمّ طبع ديوان كلام الغيوان متضمّناً النصوص الزجلية التي أدّتها مجموعة ناس الغيوان، و لهمام حسام وهي ملحمة زجلية فريدة للمرحوم العربي باطما. كما أصدر عبد العزيز الطاهري، عضو فرقة جيل جيلالة ديوانه آه..ياوين ، و الشاذلي عضو لمشاهب ديوانه حبّ الرمّان. كما صدرت :عشرات المجاميع الزجلية، من مدن مغربية عديدة، بعضها مرفق بقرص مضغوط  نهاد بنعكَيدة، أحمد لمسيّح، عزيز بنسعد ... وقد أنجز د. محمد قاسمي ببليوغرافيا زجلية، يجدر الاطلاع عليها، و هي على الأنترنت للعموم متاحة. أمّا في ما يتعلّق   
بالأطروحات الجامعية، فقد صدرت الأبحاث التالية الشعر الملحون في مدينة آسفي لمنير البصكري، وغناء العيطة : الشعر الشفوي والموسيقى التقليدية في المغرب لحسن  نجمي، والأحاجي المغربية : مجالاتها وبنياتها ومقارناتها لأحمد زيادي، وشعرالملحون الظاهرة ودلالاتها لعبد الصمد بلكبير
وأغتنم الفرصة للإشارة إلى أنّ الصديق الباحث ميمون راكَب قد ناقش أطروحته عن الهوية السوسيوثقافية بشرق المغرب من خلال القصيدة البدوية، وقد تمت التوصية بطبعها، فهنيئاً لصديقنا، و هنيئاً لنا جميعاً بهذا المنجز الأكاديمي. وفي مجال التوثيق، صدر مكنز التراث الشعبي المغربي، وهو أداة توثيقية لتوصيف مواضيع التراث الشعبي المغربي، عن المركز المغربي للتراث الشعبي والمخطوطات بالدار البيضاء.
إلاّ أنّ هذه الإصدارات التي أشرت إليها كلّها لم تنشر على نطاق واسع، وسيظلّ الاطلاع عليها محصوراً في نخبة من المهتمين قليلة. ومن خدمات الأنترنت وحسناتها الجليلة أن أتاحت المجال للشعراء والزجاين والمهتمين بالآداب والفنون الشعبية، ليؤسسوا مواقع ومدونات ومجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي، يوظفونها بذكاء لنشر إبداعاتهم والتفاعل مع متلقيها، والتعارف فيما بينهم لتبادل الآراء ومناقشتها . وعلى سبيل المثال لا الحصر، أذكر من مجموعات الفايس بوك أنسام الزجل وزجل و المدمنون ..الشعر الشعبي والملحون، ونادي الزجل، التي يعدّ شاعرنا أحمد اليعقوبي من أعضائها النشطين. ومتتبّع محتويات هذه المجموعات يلاحظ تنامياً مطّرداً في نشر الإبداعات الجديدة، والنصوص الشعرية التراثية، وبعض المتابعات النقدية والرؤيات الفنية المرتبطة بالكتابة الزجلية. وهكذا أصبح ميسّراً لمتصفّح الأنترنت أن يتابع مستجدّات ما يهواه نصّاً وصورة وصوتاً. وصار من اللاّزم على الباحث في أمور الزجل ٱلاّ يغفل المتن المنشور على الشبكة، حتّى لا يبتعد عن المقتضيات العلمية، إذ المستقبل مستقبل رقميّات

في هذا السياق، أصدر الشاعر أحمد اليعقوبي ديوانه الثاني رياح النور، على نفقته الخاصة، عن مطبعة الجسور بوجدة، في حلّة بهية. فقد صمّم غلافه الفنان القدير محمد سعود، الذي ظهرت لوحاته على أغلفة عدّة إبداعات مغربية وعربية. ولا بأس من ذكر الإبداعات المحلية التي حملت أغلفتها لوحاته وهي رواية مرايا لمصطفى شعبان ، وديوانا أوراق مصلوب اشتهى العشق للحسن رزوقي، و جروح السنين لعبد الله لحسايني، والمجموعة القصصية الشيخ قارون لأحمد بلكَاسم. وقد ضمّن فنّاننا غلاف الديوان الذي نحتفي به لوحةً يؤوّلها المتلقّي حسب ذائقته، وأرى عليها شخصياً صفّاً مزركشاً متموّجاً من راقصات ذوات ملامح أقرب إلى الزنوجة، بعضهنّ متّشحات بالأبيض، قد يكنّ بصدد أداء رقص طقوسيّ أشبه برقصات كَناوة، ومن هنا الإحالة على وظيفة الرقص العلاجية والتطهيريّة، ومن هنا أيضاً علاقة اللوحة بمحتويات رياح النّور

وقد بذل شاعرنا جهداً محموداً في إخراج ديوانه إخراجاً جيّداً و متقدّماً من حيث تنظيم نصوصه إملاءً وضبطاً . إلاّ أنّه أغفل تذييل النصوص بتواريخ كتابتها؛ و غير خاف ما لتاريخ كتابة النص من قدرة على إضاءته، ومساعدة المتلقي والدارس والمقارن على تتبّع إبداعية النصوص وتطورها
وديوان رياح النور عمل إبداعيّ ممتع، مزج فيه صاحبه التجربة الغيوانية وشعر المشيخة المغنّى والفلكلور المحليّ المتمثل في أغاني الصفّ، منفتحاً، نسبيّاً، على طرائق الكتابة الزجلية الحديثة

وذات الشاعر، من خلال نصوص الديوان، ذات متوتّرة، تتفجّر طاقتها الإبداعيّة من أجل الانعتاق من لرياح ناشدة الخلاص الذي يشكلّه النور

يا نْوار النُّجوم نوّرتوا لرحاب ¤ في رحاب جْناني نشفى م عذابي
     ص 23
روحي راه فنات ف زناقي و دراب  
     ص 25
حوّم الحرّي و نفض نْكابي
                ص 26
تطلع لمحنّة تبرا لي لجروح ¤  مْساس المنكَوشة لرياحي راحة  
 ص 18

و تلك مقتطفات للتمثيل لا الحصر
ومعجم النور في الديوان وافر، أكتفي بإشارة على ذلك دالّة. فقد وظّف شاعرنا كلمة نوران قائلاً 
يا حباب الغيوان شدّوا الميزان
غيوانكم آ لكَران يطلع نوران  
 ص 9

كما وظّفتها مجموعة ناس الغيوان في نصّ السمطة

و السجّانة حلّوا يا وين بيبان لسجان ¤ و السجّانة شعلوا قنديل و يبان النوران
كلام الغيوان ص 110

ووردت أيضاً في ملحمة لهمام حسام للمرحوم العربي باطما

كذا سادسة بليلتو نوران ¤ بنور شأني ولا كمرجانة
ج 1  ص 114

والنوران لغةً مثنى نور، وهما نور الدنيا و نور الآخرة، أو نور كتاب الله ونور سنّة رسوله عليه الصلاة والسلام

ونظام الدلالة في رياح النور خاضع لثنائية النور والظلام، وهي ثنائية وثيقة الصلة بالوجود الإنسانيّ، وموغلة في القدم ومستمرّة، صورها متعدّدة متناسخة وخصبة : خير وشر، حرية وعبودية، سلم وحرب، إيمان وكفر، عدل وظلم، علم وجهل، كرم وبخل، شجاعة وجبن، وفاء وغدر

ومرجعية هذه الثنائية في الإسلام ساطعة : سورة النور الآيتان الخامسة والثلاثون و الأربعون


فالمخاطَب في أساليب النداء التي يزخر بها متن الديوان مخاطبان، مخاطَب النور : حباب الغيوان، ناسي لملاح، مجمع الصواب، عشاق النور، لحباب، حباب الكَصبة، رفاق العشرة، الأم، الشمعة . ومخاطَب الظلام : حنش الليل، سارق لفراح، قوم الهدرة، أهل الطغيان، سيّاس الجور، فجّار، عديم الظلّ، عبّاد الذلّ، قوم الفيش، بناين ما كانش، ولاد الندبة، الضبابة 
ومعجم الوحيش الموظّف في الديوان صفّان، صفّ النور : طير العزّ، طير الحبّ، الطير الحرّي، بشّار الخير، لحمام، الباز، الضرغام، النحلة . وصفّ الظلام : لغراب، الذياب، الضبع، حنش الليل، الحية، لبويا، بوطشل، موكة، الفار، الطوبة، قراقر، رتايل، مجدامة الحيطان، الخفاش، العكَرب، كَناين العيش 
ومعجم النبات أيضاً مصنّف كذلك، ففي صفّ النور : الزيتون، اللّتشين، اللّوز، لمزاح، بنعمان، الصفصاف، النخلة، الكَرّيش، نوّار الدفلى . وفي صفّ الظلام : السدرة، كحّيلة، الخروب يموت، زبّوج

والشاعر بطريقة تعبيره ميّال إلى التشبّث بتقاليد القصيدة الزجلية : معماراً وإيقاعاً. فهو يفتتح نصه أطياف النور      ص 29

يا ربّي مولاي يا ميسّر لعلوم ¤ يسّر هاذ الكَول وارفع م لمقام

ويختتمه قائلاً 

أحمد اليعقوبي يختم ذا المنظوم ¤ وما كاين ما خير مْ حمد الله ختام

كما يفتتح نص زهرة لوعار  ص 53

نبدا باسم الله نظمي يا حضرة ¤ و الصلاه و السلام عليه طه بولنوار
ربّي سخّر لي ذو بياتي بالراء ¤ عزّ طياري طار يخبرني ما صار

و يختتمها بقوله 

و يزّاكم هزا يا اللّي ف الورا ¤ أحمد طيره ف سماه..علاه ما فيه غبار
مع رياح الكَصبة بانت لَهْ مارة ¤ و بِحمدِ الله يختم ذو لشعار

فالشاعر في هذين المثالين محافظ على المنوال التقليدي، مثل الشيوخ الذين يتشبثون بصنعة الأسلاف، متضرّعين إلى الذات الإلهية لتسهيل مهمتهم الشعرية العويصة، حتّى لا يخيّبوا انتظارات جمهورهم المستمع ذي الثقافة الشفويّة

كما يستعين الشاعر في نصوص عدّة بالتطريزات التنغيمية التي يبرز تأثيرها الإيقاعي أثناء إنشاد النص. كتكرار ألفاظ النداء، و تلك الدالّة على التنبيه أو التوجع : واه، ياه، هاو، ها ... فقد ورد حرف النداء يا في نص المنكَوشة، المكوّن من ستة وعشرين بيتاً، إحدى وعشرين مرّة . وذلك من المؤشرات إلى أنّ شاعرنا يولي اهتماماً بالغاً إعداد النصوص للإلقاء . وما ذلك بعيب، وإنّما هو ذوق واختيار، والأذواق مستساغة 

حكى أحد أدباء مصر قال : أذكر أنّني كنت في سياحة نيلية مع شاعر النيل حافظ إبراهيم، وسمع ملاّحاً يغنّي 

والفرش حيران بهم ¤ باللّيل ما ناموا

فارتجّ رجّة عنيفة من : الفرش حيران بهم، ورأى من فوره أنّ هذا المعنى البديع ينبغي أن ينظم في شعر العرب، فنظم بيته المأثور 

 حار الفراش بنا ممّا نكابده ¤ و ضاق صدر اللّيالي عن تشكّينا
1

وقد سمع صديقنا، وصديق مدينتنا، الشاعر الطيب هلّو رائعة شاعرنا أحمد اليعقوبي 

يا المنكَوشة يا الزين الجرّاح ¤ قسْتِ كَلبي طار من سرّك يصدح
...  ... ...
دغدغ و نابي ينسلّوا لرياح ¤  نكَر القلّوز لمحبّة تلقح

فأوحى إليه ما سمع و قرأ بنصّ فصيح رائع، منه قوله 

أيّتها المنقوشة
ما لجمالك جرّاح؟
أطربت القلب المجنون بلا ولهٍ
و فمي من سرّك، يا شرقية، صدّاح
  ص19

وهذا يذكّرنا بحكاية الشعراء مع

اللّي مدكَوكَة سبع دكَات ¤ دكَات ما سال منها دم
حطّوها كَالوا ماتت ¤ هزّوها كَالت نْعم

فهذا شهير الصوفية جلال الدين الرومي يقول 

اسمع الشكوى من الناي الحزين
قصّة الفرقة يحكيها الأنين
قطّعوا القصباء فالتاع القصب
و استحالت للورى بوق العتب
ليت صدري يتشظّى بالفراق
كي أبثّ الكون سرّ الاشتياق

وهذا الشاعر مصطفى بن إبراهيم، من القرن 19م، يُرجعنا إلى عالم الأرض و الأحاسيس

يا ولفي أنا اللّي سهرت الليالي
... ... ...
يا ولفي تنقار و الكَصب اللّي تخالي

وهذا جبران خليل جبران يعود بنا إلى عالم المثال والرومانسية، في مطوّلته المواكب، حيث تتردّد كلمة الناي خمساً وثلاثين مرّة 

اعطني الناي و غنّ ¤ فالغنا سرّ الوجود

وهذا الشاعر عبد القادر الخالدي يُرجعنا إلى ملذّات الأرض 

إذا بدات الكَصبة تنم و انت تكبّ
صاحبك ما يعبى يغيب كاللّي جذب

وهكذا الشعر تعبير عن تأرجح الإنسان بين المدنّس والمقدّس

و ديوان رياح النور، فضلاً عن قيمته الإبداعية والجمالية، يعدّ متناً لسانيّاً يفيد دارسي علوم اللهجات، لما فيه من معجم عتيق مهمل، أكسبته بلاغة شاعرنا نضارة و جمالاً
فهنيئاً لك يا شاعري الغالي بهذا المنجز الإبداعي الرائع، و هنيئاً لنا جميعاً

مستعيراً كلام شاعر أختم قائلاً

يا رافعاً في القوافي راية الزجل
 إذا اختشبت من الأزجال قافية ¤ تركت منها ذوي التنقيح في خجل
2
و السلام على جمع الكريمات و الكرام

بركان : 05 أبريل 2012
جمال الخلاّدي


هوامش 

 1  _ 

العامية و الفصحى .  محمد بهجة الأثري
ديوان الكرخي . الجزء الأول . المقدمة ص: ل
دون تاريخ و لا ذكر لاسم المطبعة

2 _


من قصيدة لمعروف الرصافي إلى عبود الكرخي
ديوان الكرخي . الجزء الأول . 
دون تاريخ و لا ذكر لاسم المطبعة



09/04/2012

رياح النور أو: الوظيفة التواصلية لمتكلم بصيغة الجمع



تقديم:

يعتقد في كثير من الأحيان أن تناول ديوان زجلي أمرٌ جد يسير، بالنظر إلى لغته وأغراضِه ومَقصِدِياتِه، لكن الأمر لا يستقيم إذا نحن عمَدنا إلى بسْط العمل الأدبي (الزجل) واختيارِ الصيغةِ التي تمكِّن القارئَ العادي أولا من فهم وإدراك دلالاته، ثم انتقالِ العمل –ثانيا- إلى مستوى القراءة النقدية التي تقاربه انطلاقا من مَرجعيات مُعينة ومنطلقات فكرية ومنهجية أكاديمية، لذلك ستقوم قراءتي للديوان الزجلي "رياح النور" وِفقَ تصور أولي مُنطلق من مُسَلمات أساسية:
أولها: اختيار المقال المناسب للمقام، ما دمنا أمام ورقة تعريفية بالعمل الأدبي؛ فطبيعيٌّ أن تكون المقاربة أوليةً ذاتَ أبعاد استكشافية، ونخصُّ بالدراسة هنا مقصديةَ الإبداع ووظائفَه المتنوعة.
ثانيها: اعتبار "رياح النور" امتدادا لتجربة "شعرية" عند الزجال أحمد اليعقوبي، وتسجيلُ الاستمرار وفقَ النسقِ ذاتِه في ديوان "الكصبة والطير" .
ثالثها: إثارة بعضُ الأسئلة التي توضَعُ أرضيةً للدراسة المتأنية، من خلال التركيز على القضايا التي شَغلت بالَه في هذه المرحلة.

1- مقصدية الشاعر: بين ثبات القول والسموِ به.

تقتضي علاقةُ المبدع (المرسِل) والمتلقي وظيفةً تواصلية تحكمها معاييرُ تنتقل بين الثبات والتحول، والعلاقةُ هاته تتبنى نيةَ التفاعلِ مع المتلقي من خلال التعريف أولا بالمنجز الإبداعي، وبخلقِ فضاءٍ التلاقي بينهما.
انطلاقا من هذا التقديم، نقول إن أحمد اليعقوبي بنى رحلتَه (الزجلية) الإبداعيةَ عبر ثلاثِ مراحل:
1-1: الثبات على القول
؛ ونقصد بذلك اعترافَ الشاعر بأنه يبدع ليربطَ صلتَه بالقارئ، وهي صلةٌ عمادُها الصدقُ والقولُ الثابت والصراحة. وبغض النظر عن اللازمة التي يأتي بها الزجال غالبا في آخر قصيدته حين يعبر عن كاتب النص وتحيَّتِه للقارئ كقوله مثلا:
أحمد اليعقوبي يختمْ ذا المنظومْ وما كايَنْ مَا خيرْ مْ حَمْدْ الله خْتام
إذا بغض النظر عن مثل هذه المقاطع، استغل أحمد اليعقوبي ثقتَه بالآخر، وحاول إنشاءَ جسرِ التواصلِ عبرَه، يقول:
نْطقْتوا لي بَكْلامْ كَلبي لَهْ مَرْغاب بَثْباتَه ورْزونْ هَدَّنْ عْصابي
وقوله:
نوضْ اطْلَعْ آنَظْمي راني مْعَوَّلْ عْليكْ الّا يْديرَكْ طيري جَنْحانْ وُيَزْها بِكْ
وغيرها من المقاطع ما يبين أن الشاعر يحاول أن يؤكدَ كل مرة أنه صادِقٌ في إبداعه، لا يبتغي جزاءً ولا نفورا من متلَقيه، بل تفاعلا وتواصلا معه. ويَظهر ذلك جليا من خلال الإهداء الذي جاء على صيغة الجمع بين مجال التراث وكوْنِ النقد والبحث يقول: "إلى كل شيوخ وعشاق الزجل والمَشيخة والغِيوان... إلى كل المهتمين بتراثنا ومُحِبيه" (5) فالقضية هنا مُوكَلة للبحث الأكاديمي والتتبعِ النقدي الدقيق، وخروجُ الشاعرِ إلى هذا المنحى هو سُمُوٌّ بقضاياهُ الشعريةِ، وتنـزهٌ عن عزْل الزجل عن باقي مكونات الأدب وفنونِه. فيمكن إذن تَبنِّي الموقفِ الشخصي في النقطة الأولى، بحيث نجده يركز على الحالة النفسية الشخصية وعلاقتِها بالمحاور النصية.

1-2: السمو بالقول الشعري؛ وهنا ننتقل إلى المقال الزجَلي، قبل الخوض في القضايا العامة التي سيأتي ذكرُها لاحقا. ولا بد من الإشارة إلى انتقال الزجال أحمد اليعقوبي لمخاطبة المتلقي بألطف النداءات. ونقصد هنا نداءَه عشاقَ النور ومجْمَع الصّْواب ونُوارَ النجوم (23)، ووصفَ كلامِه بالماء الصافي دليل على صفاء العلاقة التي تربطه بالقارئ، وصفاءِ المقصدية التي يتبناها. ثم بعد ذلك يقصد ربَّه كي يجعل مقامَه في أعلى الدرجات بقول سليم وزجل قويم. (29)

1-3: المشاركة الوجدانية مع العربي والمسلم في كل أنحاء العالم، وتتجلى صفة الوجدان هنا في التكيُّف والقضايا الاجتماعيةَ، ومحاولِة نبشِ الماضي والحاضر لاستشراف مستقبل أكثرَ إضاءةً وتنويرا:
يا مَجْمَعْ لَكْلامْ يا قومْ الهَدرَه رَفْعوا مَنْ لَمْقامْ وُقِيلوا لَعْيار
إلى آخر المقطع الذي يوظف فيه الشاعرُ مرآة المجتمع للتعبير عن الحالة الراهنة في انتظار أن تمرَّ غيمةُ الشقاق نحوَ الوِفاق.

2- امتداد التجربة الزجلية بين (الكصبة والطير) و (رياح النور):
تقودنا قراءةُ الديوانِ الجديد إلى استطلاع سابِقِه، للنظر في أوجه الاختلاف والاتفاق من جهة، والتوقفِ عند التسلسل الوجداني والموضوعي بينهما.
من أجل ذلك تستوقفنا قضيةُ الإهداء في العملين كليهما، وقد اختار أحمد اليعقوبي لفظَ "الكَول" في المجموعة الأولى، ثم تحوَّلَ إلى عبارة (عُشاق الزجل) في المجموعة الثانية. لنقرأ الإهداءين:
أولا: إلى جميع شيوخ الغيوان والكَول والكصبة والكَلال ...
ثانيا: إلى كل شيوخ وعشاق الزجل والمشيخة والغيوان، إلى كل المهتمين بتراثنا ومحبيه..
فنجد أن أحمد اليعقوبي سما بكلامه من لفظ عام إلى آخرَ خاصٍّ، ومن اهتمامٍ محدود إلى تحديد فضائي أكثرَ اتساعا ووظيفة؛ إذ الحديث عن المهتمين بالتراث ومحبيه؛ يحمل دلالةَ الانفتاح على القراءات النقدية الأكاديمية والمتخصصة.
الملاحظة الثانية هي الوفاء للجمع بين اللهجة العامية المغربية والأمازيغية باعتبارهما لغتيِ التواصلِ في المنطقة قبل اللغة العربية الفصحى، وهنا تبرزُ علاقةُ الزجال بالمتلقي الذي يأخذ على عاتقه التفاعلَ مع كلِّ المكونات..
أما الملاحظة الثالثة هي اجتماع كلٍّ من الديوانين في الحقل الدلالي الخاص بالطير و الكصبة. فلا نحسُّ في المجموعة الثانية باختلاف كبير في شأن الاستمرار في نسقِ وصفِ الكصبة بكل أوصافها وأسمائها، والاعتمادِ على الطير والطائر للتحليق بكلماته عبر موسيقى الزجل، والتركيز على "طيور العز" في المجموعتين:

الكصبة والطير رياح النور
طر يا طيري ص: 8
" " " ص: 9
لا تبكي آطيري ص: 9
يا طير زناتة ص: 11
يا طيور العز ص: 17
طر يا بلادي ص: 22ك الطير الحومان ص: 29
الحجلة ص : 32
آ طيري طر ص: 34
طير العصفورة ص: 36
طيور العز ص: 88
... جا عز طياري ص: 7
(روح تعلا أعزي) ص: 9
طير الحب ص: 11
يا حبابي طيري هاو .. ص: 17
طيري يا لكرين ص: 18
طلك طيرك يحوم ص: 31
حلق أطيري ص: 50
عز اطياري ص: 53
طر آطيري ص: 63
العز مع الكير ص:65
جاك طيري يشكي ..ص: 74
طيري طر الحر ث: 95
....

إن الجمع بين الطير بصيغة المفرد، وفعل الطير والطير الموصوف بالعز وغيرها .. دلالاتٌ ذاتُ حُمولةٍ مميزَّة، تجمع بين فعل الخير والمجد حينا، ورمز التحليق إلى الأعالي بحثا عن مجد الشخصيةِ ومجد الأمة في بعض الأحيان. كما أن سبرَ أغوار الكون يجعل الشاعرَ يبحث عن مصدر النور لتَكونَ رياحا نافعةً ونسائمَ خيرٍ وبركة. لذلك فالنور أيضا يساير الشاعرَ في كلتا المجموعتين، مبرزا من خلالها مواطنَ الحقِ والخير في ذاته وفي واقعه، حيث يجعله مرادفا للنور:
اغْطَسْ فْ بْحَرْ النورْ روحْ طِرْ وعُوم اصْبَرْ وُكابَرْ لا تَسْمَعْ لَعْوام

3- القضايا بين الذاتي والموضوعي
استطاع أحمد اليعقوبي أن يجمع في ديوانه (رياح النور) بين ذاته وواقعِه، ومارسَ تحولاتِ الدلالةِ من خلال التنويعِ في التيمات الأساسيةِ التي يفرضُها المقامُ، لذلك اشتغل الشاعرُ على محاورَ ثلاثةٍ في الديوان، ويمكن تقسيمُها على الشكل التالي:

3-1- الذات بين الإبداع والاتباع:
نقصد من خلال هذا العنصرِ اكتشافَ أهمِّ مكوناتِ الذاتِ الشاعرة في ديوان رياح النور، وقد استطاع اليعقوبي أن يؤثث فضاءَ نصوصِه بالتركيز على ذاته التي تصبو الخلاصَ من واقعٍ مغشوش. وللتحكم في ذاته والتعبيرِ عن همومه اشتغل على محورين اثنين:

أولهما: الحديث عن الذات كونها ذاتا مبدعةً، تتخطى الجاهزَ العادي لإبداع القولِ والزجل الذي يعبر عن همومِه وهواجسه، ويتضح ذلك في جل القصائد التي بدأ بها ديوانَه، كأنه يقسمه بذلك إلى جانبين: ذاتي وموضوعي.

ثانيهما: الحديث عن الذات في بحثها عن الخلاص من خلال اتباع سبيلِ الموسيقى واللهفةِ على الكصبة التي تَنقُش في ذاكرته صفاتِ الأمل والحبِ والعشق والتَّوقِ إلى المستقبل والبحث عن الحبيب والزهو والطير في الأعالي للتوحد مع الذات الأخرى ...

3-2- تيمة الزمان أو (الزّْمان) لما في التعبير العامي من دلالات تعادلُ موضوعيا همومَ الدهر ونوائبَه. وهنا لا بد من الإشارة إلى كون هذا العنصر يشكل المفتاحَ الذي خلَّص من خلاله من ذاتَه إلى واقعَه؛ كأنه يبحث عن جسرِ تواصلٍ مع القارئ يجذِبُه بالكشف عن هموم الحاضر، وسماتِ الذات في آن واحد.. وتشكل قصيدةُ (ذا الزّْمانْ نورُه لُ مَّاليهْ) خيرَ مُعبرِ عن هذه الحالة، حيث يصف فيها الشاعر تغيُّرَ أحوالِ الزمان، بتغير حالاتِ القوم واتباعَ سُبل المجاملاتِ والنفاق الاجتماعي والتكسب وغيرها..ليؤكد مقولاتِه باسترسال المقالِ ذاتِه في نص (حنش اللي) ، الذي يخصصه لحالة إنسانية معينة بوصفها رمزَ النفاق والاحتيال والجشعِ والطمع واستغلال المواقف.. كما أنه يواصلُ ذكرَ تلك الأوصافِ في النصوص الموالية حتى حدودِ الصفحة 44.

3-3: تيمة الواقع العام (مغربي، عربي، إسلامي..)
كرس الشاعر مفهومَ التموقعِ في القضايا الاجتماعية المغربية، والقضايا الإسلامية ثم القضايا الإنسانيةِ، من خلال التركيز على القول المباشر، والتصريحِ بكل العقبات التي تواجه عالمَنَا المعاصرَ.
ونظرا لضيقِ المقام نسترشد فقط ببعض القضايا التي أحالنا عليها الشاعر، وهي بمثابة عناوينَ لمواضيعَ مختلفةٍ، وشرائحَ ذهنيةٍ توحي بأهمية الدلالات التي استنبَطها من واقعه وجمَعَها في عبارات مُكثفَة تَنِمُّ عن قوة التشكيل الإبداعي، ورنينِ الجرسِ الموسيقي الذي استطاع من خلاله أحمد اليعقوبي أن يحدث تأثيرا قويا في عقل المتلقي أولا من خلال المواضيع، ثم تأثيرا وجدانيا وإنسانيا من حيث تباينُ الأوزان وتنوعُ القوافي وتعددُ الأجزاء...
وبالعودة للقضايا المثارة في الديوان نشير إلى أهمها من خلال النقط التالية:
الحالة الاجتماعية للواقع المغربي: البطالة- غلاء المعيشة- واقع التعليم- واقع الصحة- الهجرة القروية- مشاكل العالم القروي- عدم إعطاء الأهمية للشواهد التعليمية...
الحالة الاجتماعية الإنسانية: تتلخص في تغيرات روح الإنسان بتغير مواقفه وتوَجُّهاته، فلم يعد ذلك الإنسانَ الوفيَ لمبادئه والمخلصَ لدينِه ووطنه وشرفه .. بل أصبح مستهترا بمكَوِّناته الأساسية، منافقا نماما و مُكثرا من الكلام (اللغو) دون فائدةٍ ولا جدوى..
واقع الأمة العربية والإسلامية ..: تتلخص كلُّها في قضية العرب الأولى، قضيةِ فلسطين، ثم العراقِ وأفغانستان.. وقد استطاع الشاعر أن يكثف بلاغيا من مقولاتِه الشعرية كي يتمكنَ من إيصال دعوتِه للنهوض بالهمَم واستنهاض العقول والبصائر للالتفاف من أجل الدفاع عن المسلم والعربي في كل أنحاء العالم..
الربيع العربي: الذي خصَّه بقصيدة (الحال صْبَحْ) كناية عن انبلاج الصبح وانبثاق إرهاصات التحرر العربي من القيود والاستعباد.. وقد استعرض في هذا النص حالةَ كل من تونس ومصر.


د. محمد دخيسي

لقطات من حفل توقيع ديوان رياح النور




من اليسار إلى اليمين
 محمد الدخيسي، مصطفى رمضاني، أحمد اليعقوبي، محمد العتروس، جمال قادة




الشاعر أحمد زنطار

أحمد اليعقوبي موقّعاً ديوانه رياح النور


الزمان : السبت 07 أبريل 2012  ابتداءً من الرابعة مساءً
المكان : نادي ملوية ¤ بركان
المنظمون : جمعية أبركان للثقافة و التراث   جمعية الليمون للأعمال الاجتماعية لموظفي و أعوان عمالة إقليم بركان  المنظمة المغربية للكشافة و المرشدات فرع بركان
الموضوع : توقيع ديوان رياح النور للشاعر الزجال أحمد اليعقوبي
تسيير : محمد العتروس
و مشاركة : د. مصطفى رمضاني   ذ. جمال قادة   د. محمد الدخيسي


 و قد غصّت قاعة الاجتماعات بنادي ملوية الثقافي بالمهتمين بالثقافة و جلّ مبدعي مدينة بركان الزراعية
ويشار إلى حضورالشاعر محمد ماني والباحث ميمون راكَب من وجدة رفقة الشاعر أحمد زنطار المقيم بفرنسا، و الزجالين يحيى حرمل و عبد الحميد إبراهيم